الجواب : وعليكم
السلام ورحمة الله وبركاته .
روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن عائشة رضي الله
عنها هذا الأثر وهو موقوف عليها ، كما رواه أيضا عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ،
قال ابن أبي شيبة بسنده في مصنفه :
1- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ
بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ
بْنُ حَازِمٍ ، عن عائشة قَالَتْ : قُولُوا : " خَاتَمُ النَّبِيِّينَ , وَلا تَقُولُوا : لا نَبِيَّ
بَعْدَهُ " .
2- حدثنا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عن عائشة قَالَتْ : " لا
تَقُولُوا : لا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ، وَقُولُوا : خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ،
فَإِنَّهُ يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلا وَإِمَامًا مُقْسِطًا ،
فَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ ، وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ ،
وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ ، وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا " .
3- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ
مَجَالِدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَامِرٌ -الشعبي-، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ عِنْدَ
الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمُ
الأَنْبِيَاءِ , لا نَبِيَّ بَعْدَهُ , قَالَ الْمُغِيرَةُ : " حَسْبُكَ
إِذَا قُلْتُ : خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ , فَإِنَّا كُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّ عِيسَى
خَارِجٌ , فَإِنْ هُوَ خَرَجَ فَقَدْ كَانَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ " .
ولكن المقصود بقول عائشة
رضي الله عنها في النهي عن وصف " لا نبي بعده " أي لا نبي يُبعث بشرع
جديد ورسالة جديدة وليس المقصود هو نفي نزول عيسى بن مريم عليه السلام في آخر
الزمان ، لأنه قد ثبت بالأحاديث الصحيحة من علامات الساعة الكبرى نزول عيسى بن مريم
.
وهل يتعارض قولها مع الحديث
الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : " كانَتْ بَنُو إسْرائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأنْبِياءُ، كُلَّما
هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وإنَّه لا نَبِيَّ بَعْدِي
" ، وروى أبو داود والترمذي عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : " وأنا خاتَمُ النبيينَ ، لا نبِيّ بعدي "
صححه الألباني في "السلسة الصحيحة" (4/ 252) .
الجواب : كلا ، لأن الحديث يؤكد على ختم النبوة ببعثة النبي صلى الله عليه
وسلم ونفي عائشة رضي الله عنها يؤكد الحديث بهذا المعنى ، ولكن النفي المقصود هو نفي
بعثة نبي بشرع جديد بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأن شريعته ناسخة لما قبلها
من الشرائع وكذلك قولها للتأكيد على نزول عيسى بن مريم ومجيئه في آخر الزمان بعد
انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ، وهذا ما أكده ابن قتيبة رحمه
الله .
قال ابن قتيبة رحمه الله في
"تأويل مختلف الحديث: (ص: 272) :
[ وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "قُولُوا
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ،
وَلَا تَقُولُوا لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ"؛ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ إِلَى نُزُولِ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَوْلِهَا، نَاقِضًا لِقَوْلِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا نَبِيَّ بَعْدِي"
لِأَنَّهُ أَرَادَ: لَا نَبِيَّ بَعْدِي، يَنْسَخُ مَا جِئْتُ بِهِ، كَمَا كَانَتِ
الْأَنْبِيَاءُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ تَبْعَثُ بِالنُّسَخِ،
وَأَرَادَتْ هِيَ: "لَا تَقُولُوا إِنَّ الْمَسِيح لَا ينزل بعده".] اهـ.
والله
تعالى أعلم .
|