الجواب
: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
كما شرع الله الزواج سكنا
ومودة ورحمة ، فإنه أيضا شرع الطلاق رحمة بالزوجين إذا استحالت الحياة بينهما ،
فالإسلام لا يمسك الزوجين بالقيود والأغلال ولكن يربطهما بالمودة والرحمة ، وهناك
آداب شرعية تتعلق بالزوجين عند الطلاق أهمها :
1- الحرص على حقوق الأولاد من النفقة والرعاية والحضانة لمن له حق
الحضانة ، قال الله تعالى : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن
أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا
وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده " [البقرة: 233] .
فهذه الآية ضمنت حق الولد
الرضيع من قبل أبويه : أمه بالرضاع ووالده بالإنفاق عليه .
قال ابن كثير رحمه الله :
[ هذا إرشاد من الله تعالى للوالدات : أن يرضعن أولادهن كمال الرضاعة
، وهي سنتان ، فلا اعتبار بالرضاعة بعد ذلك ... وقوله : ( وعلى
المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) أي : وعلى
والد الطفل نفقة الوالدات وكسوتهن بالمعروف ، أي : بما جرت به عادة أمثالهن في
بلدهن من غير إسراف ولا إقتار ، بحسب قدرته في يساره وتوسطه وإقتاره ... وقوله : ( لا
تضار والدة بولدها ) أي : لا
تدفعه عنها لتضر أباه بتربيته ، ولكن ليس لها دفعه إذا ولدته حتى تسقيه اللبأ الذي
لا يعيش بدون تناوله غالبا ، ثم بعد هذا لها رفعه عنها إذا شاءت ، ولكن إن كانت
مضارة لأبيه فلا يحل لها ذلك ، كما لا يحل له انتزاعه منها لمجرد الضرار لها .
ولهذا قال : ( ولا مولود له بولده ) أي : بأن يريد أن ينتزع الولد منها
إضرارا بها ... وقوله : ( وعلى
الوارث مثل ذلك ) قيل : في عدم الضرار لقريبه ... وقيل : عليه مثل ما على والد
الطفل من الإنفاق على والدة الطفل ، والقيام بحقوقها وعدم الإضرار بها ، وهو قول
الجمهور. ] اهـ. باختصار
2- عدم ذكر أي طرف للطرف الآخر بسوء ، وتحريم الحديث عما كان بينهما
من أسرار في الفراش ، فهذا من أبشع الذنوب وأكبر الخطايا التي نفر منها الشرع ،
حيث روى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " إنَّ مِن أشرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي
إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها " .
فإذا استحالت الحياة وتم
الطلاق وأخذ كل طرف حقه فلا يجوز شرعا أن يغتاب أحدهما الطرف الآخر أو ينتقص من
شأنه أو يشهر به أو يذكره بسوء خاصة أمام الأولاد لسببين :
الأول : أنه من الغيبة المحرمة .
الثاني : إهانة الأب أو الأم أمام الطفل يسقط هيبة الاثنين معا ،
فيكبر الولد عاقا لهما لا يحترم واحدا منهما .
3- أمر الله عند الطلاق بعدم الأذى واللطف بالطرف الآخر عند الفراق ،
حيث قال تعالى : " فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " [البقرة: 229] ، ومن
الإحسان أن يعطيها حقوقها من نفقة المتعة ومؤخر الصداق ، ولا يؤذيها بقول أو فعل .
وفي شأن النبي صلى الله
عليه وسلم حينما عرض على أزواجه أن يطلقهن حينما طالبنه بزيادة النفقة ، قال الله
تعالى : " يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها
فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا " [الأحزاب: 28] .
والله تعالى أعلم .
|