الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبر كاته .
وقت الفتن التي تجعل الحليم حيران ويتشتت فيها العقل ويشرد الذهن وتنقلب
الموازين حتى يصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا والحق باطلا والباطل حقا ، هنا
يجب الانشغال بالطاعات وكف اللسان عن الخوض في الفتن واجتناب بيئة المعاصي وصحبة
السوء ، لأن الشيطان عدو الإنسان وهو لا يكف عن الوسوسة بالمعاصي صغارها وكبارها ،
والمؤمن إذا أغلق منافذ الشيطان كان في مأمن وحصن حصين ، وعلى المؤمن أن يقوم
بالآتي وقت الفتن :
1- الاستعانة بالله تعالى والتعوذ به من الشيطان الرجيم ، فالشيطان لا سلطان له
على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ، روى أبو داود عن حيوة بن شريح قال : لقيت
عقبة بن مسلم فقلت له بلغني أنك حدثت عن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله
عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال : (أعوذ بالله العظيم
وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم) قال : نعم . قال : فإذا قال ذلك
قال الشيطان حفظ مني سائر اليوم .
وروى أبو داود والنسائي وابن حبان عن أنس
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا خرج الرجل من بيته
فقال: بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله فيقال: له حسبك قد هديت
وكفيت ووقيت فيتنحى له الشيطان فيقول له شيطان آخر : كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي
" .
2- الحذرمن الفراغ فإنه باب الشيطان الأكبر ليلقي في القلب شبهة أو شهوة ،
والنفس الفارغة كالأرض الخالية يزرع فيها ما يريد أو الصفحة البيضاء يكتب فيها ما
يشاء ، فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية ، وطبيعة النفس ملولة ، لهذا
من رحمة الله بنا أن فتح لنا أبوابا كثيرة من الطاعات حتى إذا ملت النفس من طاعة
انتقلت إلى أخرى ، من صلاة نفل إلى عيادة مريض إلى حضور مجلس علم إلى زيارة مسلم
إلى سعي على المعاش لاكتساب اللقمة الحلال إلى قراءة قرآن إلى إغاثة ملهوف وإعانة
محتاج ، وهكذا المؤمن تراه ينتقل من طاعة إلى طاعة ومن خير إلى خير .
3- دوام ذكر الله على كل حال ، فالغفلة عن ذكر الله باب كل شر ، قال الله تعالى :
" ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين " ، فالشيطان إذا
وجد من العبد غفلة جاء يوسوس بالمعاصي ويزينها ويسهل الوصول إليها ويغري بالوقوع
فيها ويبرر للنفس ارتكابها ، ودواء الغفلة ذكر الله على كل حال ، فالشيطان وسواس
خناس ، ومعنى خناس : أي يهرب ويفر ويبتعد حتى لا يسمع الذكر ، فنور الذكر يحرقه
ويطفئ وسوسته ، " قل أعوذ برب الناس . ملك الناس . إله الناس . من شر الوسواس
الخناس " ، وقال تعالى : " إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا
فإذا هم مبصرون " .
4- حضور مجالس العلم ، فالعلم ينير البصائر حتى تدرك مداخل الشيطان إليها
فتحذره ، والعلم يربي في النفس خشية الله فلا يقرب المعاصي خوفا من غضب الله
وعقابه ، كما يربي في النفس الرجاء والطمع في رحمة الله وثوابه على الطاعات
والأعمال الصالحة ، قال تعالى : " إنما يخشى الله من عباده العلماء " ،
وروى ابن ماجه والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : " إن الدنيا ملعونة ، ملعون ما فيها ، إلا ذكر الله وما والاه ، وعالما
أو متعلما " .
5- الدعوة إلى الله بالحكمة ونشر الحق ، فالداعي لا يُدعى ، والشيطان لا يخاف من العابد لأنه
في دائرة نفسه بل خوفه من الداعي الذي يسعي بين الناس بالنصيحة وينتشل الناس من
حضيض المعصية إلى أفق الطاعة ، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا نودي للصلاة، أدبر الشيطان وله ضراط ،
حتى لا يسمع التأذين ، فإذا قضي النداء أقبل ، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر ، حتى إذا
قضي التثويب أقبل ، حتى يخطر بين المرء ونفسه ، يقول : اذكر كذا ، اذكر كذا ، لما
لم يكن يذكر ، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى " ، لماذا يفر الشيطان من الأذان
؟ لأنه دعوة تامة .
لمزيد من الفائدة يمكن الرجوع إلى هذه الفتاوى
بالموقع : [ فتاوى فتاوى عامة رقم : 248 ، 2110 ، 2299 ، 2387 ] .
والله
تعالى أعلم .
|