الجواب : وعليكم
السلام ورحمة الله وبركاته .
كما يذكر جمهور الفقهاء أن من شروط صحة الطهارة
وصول الماء إلى البشرة من أعضاء الوضوء وإلا فسد ، ويترتب عليه فساد الصلاة لفساد
الوضوء ، فقد روى أصحاب السنن وصححه الترمذي عن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال :
" قلت : يا رسول الله أخبرني عن الوضوء ، قال : أسبغ الوضوء ، وخلل بين
الأصابع ، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا " ، قال ابن عمر رضي الله
عنهما : إسباغ الوضوء: الإنقاء " رواه البخاري معلقًا ، الإسباغ هو: الإتمام
والإكمال والاستيعاب.
وروى أبو داود بإسناد صحيح عَنْ بَعْضِ
أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّ وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ
لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ . فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ " ،
وروى أبو داود عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فَإِذَا
وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ " ، صححه
الألباني في "صحيح أبي داود" .
وحيث إن
طلاء الأظافر طبقة تحول دون وصول الماء إلى طبقة الظفر فهو مبطل للوضوء ، لكن لا
حرج على المرأة أن تضعه بعد الوضوء وتصلي به ما شاءت ما لم ينتقض وضوؤها ، فإذا
انتقض وضوؤها وجب عليها إزالة هذا الطلاء ليصح الوضوء .
أما إذا كان استخدام المانيكير يسمح بمرور
الماء على الأظافر أثناء الوضوء فلا حرج والوضوء صحيح لوصول الماء إلى طبقة
الأظافر الخارجية وهو شرط لصحة الوضوء .
وهذه أقوال الفقهاء في هذه المسألة :
1- الأحناف
:
قال قاضيخان رحمه الله في "الفتاوى
الهندية" (1/ 5) :
[ فِي
فَتَاوَى مَا وَرَاءَ النَّهْرِ إنْ بَقِيَ مِنْ مَوْضِعِ الْوُضُوءِ قَدْرُ
رَأْسِ إبْرَةٍ أَوْ لَزِقَ بِأَصْلِ ظُفْرِهِ طِينٌ يَابِسٌ أَوْ رَطْبٌ لَمْ
يَجُزْ وَإِنْ تَلَطَّخَ يَدُهُ بِخَمِيرٍ أَوْ حِنَّاءٍ جَازَ .
وَسُئِلَ
الدَّبُوسِيُّ عَمَّنْ عَجَنَ فَأَصَابَ يَدَهُ عَجِينٌ فَيَبِسَ وَتَوَضَّأَ
قَالَ: يُجْزِيهِ
إذَا كَانَ قَلِيلًا. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَمَا تَحْتَ الْأَظَافِيرِ مِنْ
أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ حَتَّى لَوْ كَانَ فِيهِ عَجِينٌ يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ
إلَى مَا تَحْتَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَأَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو
نَصْرٍ الصَّفَّارُ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الظُّفُرَ إذَا كَانَ طَوِيلًا بِحَيْثُ
يَسْتُرُ رَأْسَ الْأُنْمُلَةِ يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ وَإِنْ
كَانَ قَصِيرًا لَا يَجِبُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ طَالَتْ أَظْفَارُهُ حَتَّى خَرَجَتْ
عَنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَجَبَ غَسْلُهَا قَوْلًا وَاحِدًا. كَذَا فِي فَتْحِ
الْقَدِيرِ.
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ سُئِلَ أَبُو
الْقَاسِمِ عَنْ وَافِرِ الظُّفُرِ الَّذِي يَبْقَى فِي أَظْفَارِهِ الدَّرَنُ
أَوْ الَّذِي يَعْمَلُ عَمَلَ الطِّينِ أَوْ الْمَرْأَةِ الَّتِي صَبَغَتْ
أُصْبُعَهَا بِالْحِنَّاءِ، أَوْ الصَّرَّامِ، أَوْ الصَّبَّاغِ قَالَ كُلُّ
ذَلِكَ سَوَاءٌ يُجْزِيهِمْ وُضُوءُهُمْ إذْ لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ
إلَّا بِحَرَجٍ وَالْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ
الْمَدَنِيِّ وَالْقَرَوِيِّ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَا الْخَبَّازُ إذَا
كَانَ وَافِرَ الْأَظْفَارِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ نَاقِلًا عَنْ الْجَامِعِ
الْأَصْغَرِ.
وَالْخِضَابُ إذَا تَجَسَّدَ وَيَبِسَ يَمْنَعُ
تَمَامَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ
الْوَجِيزِ. وَفِي
مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ تَحْرِيكُ الْخَاتَمِ سُنَّةٌ إنْ كَانَ وَاسِعًا وَفَرْضٌ
إنْ كَانَ ضَيِّقًا بِحَيْثُ لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ تَحْتَهُ. كَذَا فِي
الْخُلَاصَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. ] اهـ.
المصنف رحمه الله قد فرَّق في شرحه السابق بين
ما له جرم أو طبقة سميكة تمنع وصول الماء إلى البشرة فهذه الحالة لا يصح معها
الوضوء ، وبين الحالة الثانية وهي أن يكون الطلاء فوق الأظافر مجرد لون لا جرم له
كالحناء فيجوز معه الوضوء ، لهذا وجب التنبيه .
2-
المالكية :
جاء في "التاج والإكليل لمختصر خليل"
(1/ 236) :
[ أمَّا
الأدْهانُ عَلَى أعضاءِ الوُضوء؛ فإن كانت غليظةً جامدةً تَمْنَعُ مُلاقاةَ الماءِ
فَلَا بُدَّ من إزالتِها، وإن لم تَكُن كذلك صَحَّتِ الطَّهَارَةُ؛ فالمُعتَبَرُ
وُصولُ الماءِ ونُفوذُه إلى البَدَنِ دُونَ ثَبَاتِهِ واستقرارِهِ عَلَى العُضوِ.
] اهـ.
3-
الشافعية :
قال الإمام الشافعي رحمه الله في
"الأم" (1/ 44) :
[ وإن كان عليه عِلْكٌ ، أو شيء ثخين ، فيمنع
الماء أن يصل إلى الجلد : لم يُجْزِهِ وضوءُهُ ذلك العضوَ حتى يُزيلَ عنه ذلك ، أو
يُزيلَ منه ما يعلم أن الماء قد ماسَّ معه الجلدَ كُلَّه ، لا حائل دونه. ] اهـ.
وقال الإمام النووي رحمه الله في "المجموع"
(1/ 467) :
[ إذا كان
عَلَى بعض أعضَائِهِ شمْعٌ، أو عجينٌ، أو حِنَّاءٌ، أو أشباهُ ذلك، فَمَنَعَ وصولَ
الماءِ إلى شيءٍ من العُضو، لم تصحَّ طهارتُه، سَوَاءٌ كَثُرَ ذلك أم قلَّ، ولو
بَقِيَ على اليَدِ وغيرِها أَثَرُ الحِنَّاءِ ولونُه دُون عَيْنِهِ، أو أَثَرُ
دُهنٍ مائِعٍ، بحيْثُ يَمَسُّ الماءُ بَشْرَةَ العُضو، ويَجْرِي عليها، لكِنْ لَا
يَثبُتُ صَحَّتْ طَهَارَتُهُ. ] اهـ.
4-
الحنابلة :
قال المرداوي رحمه الله في "الإنصاف"
(1/ 20) :
[ فائدة :
لو كان تحت أظفاره يسير وسخ , يمنع وصول الماء إلى ما تحته لم تصح طهارته . قاله
ابن عقيل . .
.
وقيل :
تصح , وهو الصحيح , صححه في الرعاية الكبرى , وصاحب حواشي المقنع , وجزم به في
الإفادات , وإليه ميل المصنف ( يعني : ابن قدامة ) واختاره الشيخ تقي الدين ...
وألحق الشيخ تقي الدين كل يسيرٍ منع حيث كان من البدن , كدم وعجين ونحوهما ،
واختاره. ] اهـ.
وقال ابن قدامة رحمه الله في
"المغني" (1/174) بعد أن ذكر قول ابن عقيل بوجوب إزالة ما تحت الأظفار
من وسخ ، وأن طهارته لا تصح إذا منع وصول الماء إلى ما تحته ، قال :
[ ويحتمل أن لا يلزمه ذلك ; لأن هذا يستر
عادة , فلو كان غسله واجبا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم ; لأنه لا يجوز تأخير البيان
عن وقت الحاجة إليه. ] اهـ.
لمزيد من الفائدة يمكن
الرجوع إلى هذه الفتاوى بالموقع : [ فتاوى عامة رقم : 7793 ، فتاوى نسائية رقم :
689 ، 1990 ، 4514 ] .
والله تعالى أعلم .
|