فتاوى عامة رقم : 9778

السؤال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخي الفاضل سؤالي هل يجوز أن يشرب المسلم البيرة الخالية من الكحول رغم إن نفس المصنع الذي يصنع البيرة التي بها كحول يصنع البيرة الخالية من الكحول ويؤكدون على علبة البيرة أن نسبة الكحول فيها صفر فما حكم شرب هذه البيرة ؟ وبارك الله فيكم .

البلد : الدنمرك

التاريخ : 21 / 5 / 2022

رقم الفتوى : 9778

الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .  

  إذا كانت هذه البيرة مسكرة فهي خمر نجسة يحرم شربها أو الانتفاع بها في أي غرض من الأغراض مثل شربها وبيعها وشرائها واستعمالها ونحو ذلك ، وأما إذا كانت هذه البيرة عبارة عن شراب الشعير خالية من الكحول وهي غير مسكرة فيجوز الانتفاع بها ، لأن علة التحريم في الأشربة المحرمة هي الإسكار ، كما روى أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كل مسكر خمر ، وكل مسكر حرام " ، وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما أسكر كثيره ، فقليله حرام " . 

  قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

[ البيرة الموجودة في أسواقنا كلها حلال ، لأنها مفحوصة من قبل المسئولين ، وخالية من الكحول تماماً والأصل في كل مطعوم ومشروب وملبوس الأصل فيه الحل ، حتى يقوم الدليل على أنه حرام ، لقوله الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ) البقرة / 29 ، فأي إنسان يقول : هذا الشراب حرام أو هذا الطعام حرام أو هذا اللباس حرام قل له : هات الدليل ، فإن جاء بدليل فالعمل على ما يقتضيه الدليل ، وإن لم يأت بدليل فقوله مردود عليه ، لأن الله عز وجل يقول : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ) البقرة /29 . كل ما في الأرض خلقه الله لنا وأكّد هذا العموم بقوله جمعياً . وقال تعالى : ( وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ) الأنعام /119

  فالشيء المحرم لابد أن يكون مفصلاً معروفاً تحريمه فما لم يكن كذلك فليس بحرام ، فالبيرة الموجودة في أسواقنا هنا في بلاد الحرمين كلها حلال ولا إشكال فيها إن شاء الله

  ولا تظن أن أي نسبة من الخمر تكون في شيء تجعله حراماً بل النسبة إذا كانت تؤثر بحيث إذا شرب الإنسان من هذا المختلط بالخمر سكر صار حرماً أما إذا كانت نسبة ضئيلة تضاءلت وانمحى أثرها ولم تؤثر فإنه يكون حلالاَ  .

  وقد ظن بعض الناس أن قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ ) . أن معناه ما خلط بيسير فهو حرام ولو كان كثيراً ، وهذا فهم خاطئ فالحديث : ما أسكر كثيرة فقليله حرام ، يعني أن الشيء الذي إذا أكثرت منه حصل السكر ، وإذا خففت منه لم يحصل السكر ، يكون القليل والكثير حراماً ، لأنك ربما تشرب القليل الذي لا يسكر ، ثم تدعوك نفسك إلى أن تكثر فتسكر ، وأما ما اختلط بمسكر ونسبة المسكر فيه قليلة لا تؤثر فهذا حلال ولا يدخل في الحديث. ] اهـ.

"الباب المفتوح" (3/381-382)

  وإذا كان المصنع الذي يصنع هذه البيرة يؤكد على علبة البيرة أن نسبة الكحول فيها صفر فهذا دليل على خلوها من الخمر وبالتالي فيجوز شربها ، لأن البيرة هي شراب الشعير النافع ما لم يتحول إلى خمر مسكر ، والبلاد الغربية يدققون في أي معلومة تصدر عنهم لأن الرقابة هناك شديدة جدا على كل منتج ، كما إن الغرامات فادحة إذا ثبت الغش التجاري في أي سلعة أو إن كان المسجل عليها يخالف الواقع والحقيقة .

  ومن هنا فلا حرج شرعا من شرب البيرة الخالية من الكحول ، لأن علة التحريم منتفية وهي الإسكار .

  لمزيد من الفائدة يمكن الرجوع إلى هذه الفتاوى بالموقع : [ فتاوى عامة رقم : 864 ، 868 ، 2185 ، 7815 ، 9119 ، فتاوى فقهية معاصرة رقم : 4 ، 25 ، 5100 ، فتاوى نسائية رقم : 4638 ] .

والله تعالى أعلم .