فتاوى عامة رقم : 9779

السؤال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل النبي صلى الله عليه وسلم أصيب بالسحر لفترة شهرين كان لا يدري أيأتي أهله أم لا ؟

البلد : مصر

التاريخ : 21 / 5 / 2022

رقم الفتوى : 9779

الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .  

  جمهور علماء أهل السنة والجماعة مجمعون أن السحر له حقيقة مؤثرة وذلك بنص القرآن وصحيح السنة وإجماع الأمة ، ولم يخالف في هذا إلا بعض الفرق الضالة وعلى رأسهم المعتزلة ، فهم الذين قالوا إن السحر خداع لا أصل له ونفوا وجوده ، وأنكروا ما جاء به القرآن والسنة الصحيحة وأجمعت عليه الأمة ويؤكده ، والسحر حقيقة أكدها القرآن الكريم في أكثر من موقع منها ، قوله تعالى : " يعلمون الناس السحر " [ البقرة: 102] ، وقوله تعالى : " سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم " [الأعراف: 116]  .

   وحديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم من أصح الأحاديث بل في أعلى درجات الصحة ، فقد اتفق على إخراجه البخاري و مسلم والإمام أحمد وابن ماجه وغيرهم .

  روى البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : " سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم ، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله ، حتى إذا كان ذات يوم - أو ذات ليلة - وهو عندي ، لكنه دعا ودعا ، ثم قال : يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ، أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجليَّ ، فقال أحدهما لصاحبه : ما وجع الرجل ؟ فقال : مطبوب ، قال : من طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم ، قال : في أي شيء ؟ قال : في مشط ومشاطة ، وجف طلع نخلة ذكر ، قال : وأين هو ؟ قال : في بئر ذروان ، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه ، فجاء فقال : يا عائشة كأن ماءها نقاعة الحناء ، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين ، قلت : يا رسول الله ، أفلا استخرجته ؟ فقال : قد عافاني الله ، فكرهت أن أثوِّر على الناس فيه شراً ، فأمر بها فدفنت " .

  والنبي صلى الله عليه وسلم سُحر فترة يسيرة بحيث لم يتعلق سحره بأمور الرسالة والتبليغ ، ثم شفاه الله ، وهذا الحديث لا يتنافى مع عصمة النبي صلى الله عليه وسلم في الرسالة والبلاغ لأن ما حدث له إنما هو من جنس سائر الأمراض التي تعرض لجميع البشر في أمور الدنيا لا في أمور الدين والرسالة ، وتتعلق بالجسم ولا تسلط لها على العقل أبداً ، فهو في ذلك عرضة لما يعتري البشر كالأمراض بل هذا الحديث من أكبر الأدلة على بشريته ، والبشرية في حق النبي صلى الله عليه وسلم هي قمة الشرف والعظمة ، فغير بعيد أن يُخَيَّل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين وهو أمر يجوز على سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وثبت في القرآن الكريم في شأن نبي الله موسى عليه السلام أنه تخيل في حبال السحرة وعصيهم أنها حيات تسعى " يُخيل إليه من سحرهم أنها تسعى " [طه: 66] ، فهل تخيله هذا أخل بمنصب الرسالة والتبليغ ؟!

  لقد شاء الله سبحانه - وله الحكمة البالغة - أن يبتلي أنبياءه بشتى أنواع البلاء ليعلم الناس أنهم بشر مثلهم ، فلا يرفعوهم إلى درجة الألوهية ، وليزداد ثواب الأنبياء ، وتعظم منازلهم ودرجاتهم عند الله تعالى بما يلاقونه ويتحملونه في سبيل تبليغ رسالات الله .

  لمزيد من الفائدة يمكن الرجوع إلى هذه الفتاوى بالموقع : [ فتاوى عامة رقم : 326 ، 475 ، 907 ، 1091 ، 1385 ، 1668 ، كما يمكن الرجوع إلى : كتاب دفاع عن السنة للدكتور محمد محمد أبو شهبة . ففيه ردود على هذه الشبهة وغيرها ] .   

والله تعالى أعلم .