فتاوى عامة رقم : 9990

السؤال : السلام عليكم يا دكتور طلب منى أحد الأصدقاء الصينيين فى العمل المصحف الشريف وهو غير مسلم فقلت له لا يجوز لأنك غير مسلم فقال لي أحد الأصدقاء المسلمين أنه يستطيع شراءه من أي مكان فهل تصرفي هذا صحيح أم لا ؟

البلد : مصر .

التاريخ : 5 / 9 / 2022

رقم الفتوى : 9990  

الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

  ليس هناك ما يمنع الكافر من سماع القرآن أو قراءة معانيه في كتاب تفسير ونحو ذلك إذا كان التفسير في الكتاب أكثر من القرآن ، لأن التفسير على هذا النحو لا يأخذ حكم المصحف في حرمة مسه لغير الطاهر ، وذلك لقول الله تعالى : " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون " [التوبة: 6] .

  وأما مس المصحف فلا يجوز للكافر كما لا يجوز للمسلم المحدث حدثا أصغر أو حدثا أكبر كالجنب أو المرأة المسلمة إذا كانت حائضا أو نفساء ، وإن كان بعض الفقهاء قد أجاز لهما القراءة للقرآن ولكن أيضا دون مس المصحف ، وذلك لعموم قوله تعالى : " لا يسمه إلا المطهرون " [الواقعة: 79] .

  وعلى هذا ، فلا يجوز لغير المتوضئ أن يمس المصحف أو أن يحمله، سواء للحفظ أو التعلم أو التلاوة، إلا أنه يجوز له أن يقرأ من المصحف دون أن يمسه .

  قال ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (21/266) :

[ إذا قرأ في المصحف أو اللوح ولم يمسه جاز ذلك ، وإن كان على غير طهور.] اهـ

  وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (2/ 85) :

[ الثانية عشرة : قال أصحابنا: لا يمنع الكافر سماع القرآن، ويمنع مس المصحف، وهل يجوز تعليمه القرآن؟ ينظر: إن لم يرج إسلامه لم يجز، وإن رجي جاز في أصح الوجهين، وبه قطع القاضي حسين، ورجحه البغوي وغيره، والثاني: لا يجوز، كما لا يجوز بيعه المصحف، وإن رجي إسلامه.        
قال البغوي: وحيث رآه معانداً لا يجوز تعليمه بحال، وهل يمنع التعليم. فيها وجهان -حكاهما المتولي والروياني وغيرهما- أصحهما يمنع.] اهـ.

  وقال الرملي رحمه الله رحمه الله في "نهاية المحتاج" (3/ 389) :

[ ويمنع الكافر من وضع يده على المصحف لتجليده كما قاله ابن عبد السلام وإن رجي إسلامه , بخلاف تمكينه من القراءة لما في تمكينه من الاستيلاء عليه من الإهانة . ] اهـ.

  وقال الباجي رحمه الله في "المنتقى" (3/165) :

[ ولو أن أحدا من الكفار رغب أن يرسل إليه بمصحف يتدبره لم يرسل إليه به ؛ لأنه نجس جنب ولا يجوز له مس المصحف ، ولا يجوز لأحد أن يسلمه ، إليه ذكره ابن الماجشون . ] اهـ.

   وأما النهي عن السفر بالمصحف إلى بلاد العدو فالحكمة منه هو خشية تعرض المصحف للأذى أو التمزيق أو العبث أو الإهانة على يد الكفار وذلك صيانة لكتاب رب العالمين عن استهزاء الحمقى والسفهاء من الكفار ، ولهذا نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو ، كما روى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ " زاد مسلم : " مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ " .

بناءا على ذلك : فإذا كانت هذا الشخص الصيني صديقك في العمل راغبا في الهداية والقراءة في المصحف للتعرف على الإسلام فلا حرج عليك أن تعطيه نسخة من معاني القرآن الكريم المترجمة باللغة الصينية حيث يكون التفسير أكثر من القرآن وبالتالي فإنه لا يأخذ حكم المصحف في حرمة مسه .

  ويوجد بالأزهر الشريف قسم خاص من النسخ لمعاني القرآن الكريم المترجمة بجميع اللغات ، فتستطيع التواصل مع هذا القسم ليعطوك نسخة منه ، والأفضل أن تصحب معك هذا الصديق الصيني فربما أعطوه أيضا بعض الكتيبات باللغة الصينية للتعريف بالإسلام .

  لمزيد من الفائدة يمكنك الرجوع إلى هذه الفتاوى بالموقع : [ فتاوى عامة رقم : 2455 ، 7356 ، 9304 ] .

  والله تعالى أعلم .