فتاوى عامة رقم : 9994

السؤال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا شيخنا الجليل بدأت أحفظ القرآن من ٣ سنوات والحمد لله حفظت حتى سورة المائدة هل الحفظ ضروري فعلا ويجب أن أكمل ؟ عندي حاجات أخرى ممكن أعملها في وقت فراغي مثل دراسة العلوم الشرعية، سماع تفسير القرآن بالإضافة إلى دراسة علوم جديدة أحتاجها في عملي هل أكتفي بما حفظت أم ربي يغضب مني ؟

البلد : السعودية .

التاريخ : 7 / 9 / 2022

رقم الفتوى : 9994  

الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

  حفظ القرآن يرجع إلى قدرة المسلم واستعداده لذلك ، والناس يتفاوتون في قدرتهم على الحفظ خاصة إذا كان الحفظ في الكبر ، والحفظ مستحب وله فضيلة عظيمة ولكنه ليس بفرض واجب على كل مسلم أن يحفظ القرآن كله بل يحفظ ما استطاع بحسب قدرته ، فعليك أن ترتب للحفظ وقتا يناسبك ، وأما ما ذكرته من جهود وأنشطة أخرى مهمة ونافعة مثل دراسة العلم الشرعي وسماع تفسير القرآن فهي يمكن أن تمشي متوازية مع الحفظ إن استطعت وتكون بذلك قد جمعت الخير كله ، فالمسلم كما هو مطالب بحسن التلاوة فهو في ذات الوقت مطالب بالتدبر فيما يتلوه وينوي العمل به ونشره والدعوة إليه .  

  والقرآن الكريم قد أرشد إلى أهمية التدبر في الآيات التي نتلوها ، وهذا التدبر إنما هو ثمرة للعلم بمعاني الآيات القرآن الكريم ، حيث يقول الله تعالى : " كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب " [ص: 29] ، وقال تعالى : " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " [محمد: 24] . 

  وكذلك أرشدت السنة إلى فضيلة التفكر والتدبر ومدارسة القرآن وعدم الاكتفاء بتلاوته ، حيث روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده " .

  كما كان هذا هو سلوك الصحابة رضي الله عنهم ، الذين كانوا يعطون أولوية للتدبر والتعلم والعمل عند التعامل مع القرآن الكريم .

  وهذه بعض الآثار التي ذكرها الإمام القرطبي رحمه الله في مقدمة تفسيره تحت عنوان : "باب كيفية التعلم والفقه لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما جاء أنه سهل على من تقدم العلم به دون حفظه" (ج1/ 50 – 51) :

[ قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : كنا لا نتجاوز عشر آيات حتى نتعلمهن ونعمل بهن، ونعلمهن، ونعلم حلالهن وحرامهن، فأوتينا العلم والعمل .

  وذكر عبد الرزاق عن معمر عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : كنا إذا تعلمنا عشر آيات من القرآن لم نتعلم العشر التي بعدها حتى نعرف حلالها وحرامها وأمرها ونهيها . وفي موطأ مالك : أنه بلغه أن عبد الله بن عمر مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها ... وعن مالك عن نافع عن ابن عمر قال : تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة ، فلما ختمها نحر جزورا ...

  وقال عبد الله بن مسعود : إنا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن ، وسهل علينا العمل به ، وإن من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ، ويصعب عليهم العمل به ... عن ابن عمر قال : كان الفاضل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورة أو نحوها ، ورزقوا العمل بالقرآن ; وإن آخر هذه الأمة يقرؤون القرآن منهم الصبي والأعمى ولا يرزقون العمل به .] اهـ. بحذف وتصرف .

  لمزيد من الفائدة يمكن الرجوع إلى هذه الفتوى بالموقع : [ فتاوى عامة رقم : 8146 ] .

  والله تعالى أعلم .