فتاوى عامة رقم : 10183

السؤال : سلام عليكم هل يجب النية لمسح الشراب أثناء الوضوء ؟ لبست الشراب على طهارة ولم يكن في نيتي المسح عليه ؟ وهل لو تحرك الشراب من مكانه بدون قصد يبطل المسح عليه ؟

البلد : مصر .  

التاريخ : 14 / 1 / 2023

رقم الفتوى : 10183   

الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

  تضمن السؤال مسألتين :

الأولى : هل يجب نية المسح على الشراب عند لبسه :

  من لبس الشراب أو الجورب أو الخف على طهارة فإنه يجوز له المسح عليه يوما وليلة إذا كان مقيما وثلاثة أيام بلياليهن إذا كان مسافرا ، ولا يُشترط وجود نية المسح على الشراب قبل لبسه طالما لبسه الشخص على طهارة فيجوز له المسح عليه .

  روى البخاري واللفظه ومسلم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأهويت لأنزع خفيه، فقال : دعهما ، فإني أدخلتهما طاهرتين . فمسح عليهما " .  

الثانية : لو تحرك الشراب من مكانه دون قصد هل يبطل المسح عليه :  

  إذا تحرك الشراب فظهر جزء من القدم محل المسح الذي يجب ستره فإن للعلماء فيه قولان :

الأول : قول الجمهور : أن المسح على الخف أو الجورب أو الشراب يبطل إذا انكشف جزء من محل الفرض ، وهذا باتفاق الأئمة من فقهاء المذاهب الأربعة : الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة .

الثاني : قول بعض الفقهاء مثل ابن حزم وابن عبد البر وابن تيمية : أن المسح لا يبطل إذا انكشف جزء من القدم محل الفرض .

  قال ابن حزم رحمه الله في "المحلى" (1/334) :

[ فإنْ كان في الخفَّين أو فيما لُبِس على الرِّجلين خرْقٌ صغيرٌ أو كبيرٌ، طولًا أو عرضًا، فظهر منه شيءٌ من القَدَمِ، أقلُّ القَدَمِ أو أكثرُها أو كلاهما؛ فكلُّ ذلك سواءٌ، والمسح على كلِّ ذلك جائزٌ، ما دام يتعلَّق بالرِّجلين منهما شيءٌ، وهو قول سفيانَ الثوريِّ، وداود، وأبي ثور، وإسحاقَ بن راهويه، ويزيد بن هارون.] اهـ.

   وقال أيضًا رحمه الله في "المحلى" (1/337) :

[ مَن مسَحَ كما ذَكَرْنا على ما في رِجليه، ثم خَلَعَهما، لم يضرَّه ذلك شيئًا، ولا يلزَمُه إعادةُ وُضوءٍ ولا غَسلُ رِجليه، بل هو طاهِرٌ كما كان، ويُصلِّي كذلك، وكذلك لو مسَحَ على عمامةٍ أو خمارٍ، ثم نزعَهما، فليس عليه إعادةُ وضوءٍ ولا مسْحُ رأسِه، بل هو طاهِرٌ كما كان، ويصلِّي كذلك، وكذلك لو مسَحَ على خفٍّ على خفٍّ، ثم نزعَ الأعلى، فلا يضرُّه ذلك شيئًا، ويصلِّي كما هو دونَ أن يُعيد مسحًا، وكذلك مَن توضَّأ أو اغتسَلَ ثم حلَقَ شَعْرَه أو تقصَّصَ أو قَلَّمَ أظفارَه، فهو في كلِّ ذلك على وضوئِه وطهارَتِه، ويصلِّي كما هو، دونَ أن يمسَحَ مواضع القصِّ، وهذا قولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ، كما رُوِّينا عن عبد الرزَّاق عن سفيانَ الثوريِّ، عن هشامِ بنِ حسَّان، ورُوِّينا عن سفيانَ الثوريِّ عن الفُضَيلِ بنِ عَمرو، عن إبراهيم النَّخَعي: أنَّه كان يُحدِثُ ثم يمسَحُ على جُرموقينِ له من لبودٍ، ثم ينزِعُهما، فإذا قام إلى الصَّلاةِ لَبِسَهما وصلَّى. ] اهـ.

وقال ابن عبد البر رحمه الله في "التمهيد" (11/ 157) :

[ قال ابن أبي ليلى: إذا نزع خفَّيه بعد المسح، صلَّى كما هو، وليس عليه غَسلُ رِجليه ولا استينافُ الوضوءِ، ورُوي عنه أنَّه يَغسِلُ رجليه خاصَّة . ] اهـ.

  وقال ابن تيميَّة رحمه الله في "الاختيارات الفقهية" (ص15) :

[ لا ينتقِضُ وضوءُ الماسحِ على الخفِّ والعمامةِ بِنَزعِهما، ولا بانقضاءِ المدَّة. ] اهـ.

  وهذا القول رجحه ابن عثيمين رحمه الله حيث قال في "الشرح الممتع" (1/264) :

[ اختيارُ شيخِ الإسلام أنَّ الطَّهارةِ لا تبطُلُ، سواءٌ فاتت الموالاةُ أم لم تفُت، حتى يوجدَ ناقِضٌ من نواقِضِ الوُضوءِ المعروفة، لكن لا يُعيدُه في هذه الحال؛ ليستأنِفَ المسح عليه؛ لأنَّه لو قيل بذلك لم يكُن لتوقيتِ المسحِ فائدة ؛ إذ كلُّ من أراد استمرارَ المَسحِ خلَع الخفَّ، ثم لبِسَه، ثم استأنَفَ المدَّة... وحُجَّتُه: أنَّ هذه الطَّهارةَ ثبَتَت بمقتضى دليل شرعيٍّ، وما ثبَت بمقتضى دليل شرعيٍّ، فإنَّه لا ينتقِضُ إلَّا بدليل شرعيٍّ، وإلَّا فالأصلُ بقاء الطَّهارة، وهذا القول هو الصَّحيح، ويؤيِّدُه من القياس: أنَّه لو كان على رَجُلٍ شَعرٌ كثيرٌ، ثم مسَحَ على شَعره؛ بحيث لا يصِلُ إلى باطِنِ رأسِه شيءٌ مِن البَلَل، ثم حلَقَ شَعره بعد الوضوءِ، فطهارتُه لا تنتقِضُ. فإنْ قيل: إنَّ المسحَ على الرأسِ أصلٌ، والمسحَ على الخفِّ فرعٌ؛ فكيف يُساوى بين الأصلِ والفَرعِ؟ فالجواب: أنَّ المسحَ ما دام تعلَّقَ بِشيءٍ قد زال، وقد اتَّفَقْنا على ذلك، فكَونُه أصليًّا أو فرعيًّا غيرُ مؤثِّرٍ في الحُكم. ] اهـ.

  والراجح هو قول الجمهور من بطلان المسح على الخف إذا انكشف منه جزء من محل الفرض ، ولكن لو شق الأمر على المصلي ولم يستطع غسل القدمين ومسح على الشراب فيجزئه على قول بعض الأئمة كما سبق خاصة أن الأصل في تشريع رخصة المسح هو الرفق والتيسير ورفع الحرج والمشقة .

والله تعالى أعلم .