فتاوى المعاملات المالية رقم : 7053 

السؤال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أعمل في بيع ماكينات تصوير المستندات ونعمل مع البيع للعملاء عقد صيانة دورية لهذه الماكينات أو حل مشكلات في الماكينة وبعد العمل يعطيني العميل مبلغا من المال فهل لو قبلت هذا المبلغ حلال أم غلول لأن الأمر مختلف فيه وسمعت آراء كثيرة ؟ 

البلد : مصر . 

التاريخ : 16 / 8 / 2022 

رقم الفتوى : 7053 

الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

  لا يجوز للعامل قبول أو أخذ هدية أو إكرامية طالما يعمل في هذه الشركة إلا إذا كان هذا بعلم صاحب الشركة وأذن له في قبول الإكرامية ، فليس للموظف أن يقبل هدية من العملاء لأنها تدخل في هدايا العمال وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هدايا العمال ( أي الموظفين ) واعتبرها سحت .

  فهذه الإكرامية من حق صاحب الشركة إلا إذا علم وأذن للعامل في قبولها . 

  روى في الصحيحين عن أبي حميد الساعدي قال : استعمل النبي صلى الله عليه و سلم رجلا من بني أسد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا!! والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر. ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ثم قال: اللهم هل بلغت مرتين.

  قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (12/ 349) : 

[... بين له النبي صلى الله عليه وسلم أن الحقوق التي عمل لأجلها هي السبب في الإهداء له، وأنه لو أقام في منزله لم يهد له شيءٌ، فلا ينبغي له أن يستحلها بمجرد كونها وصلت إليه على طريق الهدية، فإن ذاك إنما يكون حيث يتمحض الحق له ] اهـ.

وقال الإمام النووي رحمه الله في "شرح صحيح مسلم" (6/ 462) : 

[ في هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام، ولهذا ذكر في الحديث عقوبته وحمْله ما أُهدي إليه يوم القيامة، وقد بين صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث السبَبَ في تحريم الهدية عليه وأنها بسبب الولاية، بخلاف الهدية لغير العامل، فإنها مستحبة، وحكم ما يقبضه العامل ونحوه باسم الهدية أنه يرده إلى مُهْديه، فإن تعذر: فإلى بيت المال ] اهـ.
  

  وروى أبو داود من حديث عدي بن عميرة الكندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا أيها الناس، من عمل منكم لنا على عمل فكتمنا منه مخيطا فما فوقه فهو غل يأتي به يوم القيامة " . فقام رجل من الأنصار أسود كأني أنظر إليه فقال: يا رسول الله اقبل عني عملك. قال : وما ذاك؟ قال: سمعتك تقول كذا وكذا . قال صلى الله عليه وسلم : " وأنا أقول ذلك ، من استعملناه على عمل فليأت بقليله وكثيره، فما أوتي منه أخذه، وما نُهي عنه انتهى " . 

  ومما يدل على منع الموظف من قبول الهدايا والإكراميات والمكافآت ما ورد في الحديث عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هدايا العمال غُلُول" (رواه أحمد والبيهقي والطبراني، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (8/246) . وقوله (غُلُول) أي خيانة .

   قال المناوي رحمه الله في "فيض القدير" 6/ 353) : 

[ فالمراد أنه إذا أهدى العامل للإمام أو نائبه فقبله فهو خيانة منه للمسلمين فلا يختص به دونهم ] اهـ.

  وبما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل هدايا العمال غُلُولاً والغُلول كبيرةٌ من كبائر الذنوب ، فكذلك الهدية للموظف تعتبر كبيرةً من كبائر الذنوب.

  قال الإمام النووي رحمه الله في "شرح صحيح مسلم" (12/ 217) : 

[ أجمع المسلمون على تغليظ تحريم الغُلول، وأنه من الكبائر، وأجمعوا على أن عليه ردَّ ما غلَّه. ] اهـ.

  وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استعملناه على عملٍ فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غُلُول" رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/191).
  قال الإمام الشوكاني رحمه الله في "نيل الأوطار" (6/ 459) : 

[ وفيه دليلٌ على أنه لا يحل للعامل زيادة على ما فَرضَ له من استعمله، وأن ما أخذه بعد ذلك فهو من الغُلول. ] اهـ.

  وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على الصدقة فقال: "يا أبا الوليد اتق الله لا تأت يوم القيامة ببعيرٍ تحمله له رُغاء أو بقرة لها خُوار أو شاة لها ثغاء، قال يا رسول الله إن ذلك لكذلك. قال إي والذي نفسي بيده. قال فوالذي بعثك بالحق لا أعمل لك على شيءٍ أبداً " رواه البيهقي والطبراني في الكبير وإسناده صحيح كما قال الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/191).
  وغير ذلك من النصوص التي تدل على حرمة ما يُعطاه الموظف من هدايا بسبب إنجاز عمله المكلف به . 

  ويرى بعض العلماء جواز ذلك إذا لم يكن بسؤال أو طلب من العامل أو محاباة ليقدم خدمة له أفضل من غيره وكان الدافع لهذه الإكرامية هو مساعدة هذا العامل خاصة إذا كان فقيرا يحتاج إلى مساعدة .

 سُئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله سؤال رقم (21605) : ما حكم إعطاء عامل المطعم زيادة علماً أن بعض الفواتير بها بقشيش ؟ 

فأجاب : [ لا يجوز إعطاء العامل هذه الزيادة لأنها تعتبر رشوة منك للعامل حتى يعطيك من الخدمة أو الطعام أكثر مما يعطي غيرك ممن لا يدفع له هذه الزيادة ، وليس للعامل أن يخص أحداً بمزيد خدمة ، وعليه أن يعامل الناس معاملة واحدة . لكن .. إذا انتفت من هذه الزيادة شبهة الرشوة أو المحاباة فإنه لا حرج فيها حينئذ . كما لو قصدت بها الإحسان إلى هذا العامل الضعيف المحتاج وأنت لن تتردد على هذا المطعم ]. اهـ 

  ولكن الراجح هو منع ذلك لما تقدم من أدلة .

 ويمكن لصاحب الشركة دفعا للحرج عن عماله وموظفيه أن يجعل لهم صندوقا يضعون فيه كل ما يأخذونه من إكرامية ثم يقوم بتوزيعه عليهم بالسوية أو يشاركهم فيه أو يأخذه كله أو ينفقه في مصلحة عامة تعود على موظفيه بالنفع ونحو ذلك ، والمقصود من هذا ألا يحقد أحد الموظفين على زملائه أو يقصر في خدمة العملاء الذين لم يدفعوا له ، كما إن فيها تعويدا لنفس المؤمن على العفة والترفع عن التطلع لأموال الآخرين .

  لمزيد من الفائدة يمكن الرجوع إلى هذه الفتاوى بالموقع : [ فتاوى معاملات مالية رقم : 589 ، 3131 ، 3317 ، 3333 ، 3392 ] .

  والله تعالى أعلم .