جديد الموقع
لدي مبلغ من المال وأنوي التصدق به وهناك خياران الأول إعمار المساجد خاصة أن المساجد هنا في كندا معتمدة على التبرعات بصفة اساسية والثاني مساعدة أهل غزة فأيهما مقدم على الآخر ؟ => فتاوى عامة هل إذا صليت الفرض في وقت الزوال يحسب قضاء وهل يجب الاستنجاء باليد يعني الشطاف الخارجي بدون استخدام اليد هل يجوز ؟ => فتاوى عامة أنا من سورية وأعايش بمصر عندي بيت بسوريا قمت بتأجيره لأناس ب 1000 دولار سنوياً تقريباً هل يطلع عليه زكاة وكم من فضلك ؟ => فتاوى عامة اقترب رمضان والدتي مريضة سكر تأخذ إنسولين ولا تستطيع تصوم فهل عليها كفارة ؟ وكم قيمتها ؟ وتخرجها دفعة واحدة أو كل يوم ؟ => فتاوى عامة الذي أفطر رمضان بسبب مرض ويطلع فدية عن كل يوم هل تسقط عنه كفارة رمضان ؟ وهل يجوز تأجيل الفدية إلى ما بعد رمضان ؟ => فتاوى عامة 77- شرح حديث (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي) الدعاء سبب للإجابة إذا استكمل الشروط وانتفت الموانع => شرح جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي لماذا يترك الله فظائع الصهاينة بالفلسطينيين دون أن يعجل بعقابهم ؟ د. خالد عبد العليم => اخبار الشيخ لماذا يترك الله فظائع الصهاينة بالفلسطينيين دون أن يعجل بعقابهم ؟ د. خالد عبد العليم => منوعة مكائد الشيطان في الصلاة (الوسوسة في الطهارة أثناء الصلاة - الوسوسة في النية - كثرة السهو والنسيان) => اخبار الشيخ مكائد الشيطان في الصلاة (الوسوسة في الطهارة أثناء الصلاة - الوسوسة في النية - كثرة السهو والنسيان) => منوعة

مقالات علمية للشيخ

كيف نتوب من الإثم والذنب ؟

12612 الجمعة AM 12:07
2011-02-11

حقوق العلم على المسلم

14374 الاربعاء AM 09:02
2013-02-27

محاسبة النفس

13317 الخميس PM 09:53
2011-04-07

المزيد

كتب الشيخ

الدروس الكتابية

بشرى للبكائين من خشية الله

6733 الاربعاء PM 09:36
2009-12-23

بشرى للدعاة إلي الله

4207 الاربعاء PM 09:46
2009-12-23

بشرى للبار بوالديه

8272 الاربعاء PM 09:49
2009-12-23

المزيد

الوصية الشرعية

الوصية الشرعية للمرأة

12387 الخميس PM 09:30
2010-03-18

الوصية الشرعية للرجل

11587 الخميس PM 09:29
2010-03-18

جديد الاذكار والادعية

أدعية الصباح والمساء

6501 الخميس PM 10:31
2010-11-04

دعاء كفارة المجلس

10523 الخميس PM 10:56
2010-11-04

الدعاء عند هياج الريح

7948 الخميس PM 10:55
2010-11-04

المزيد

البحث

البحث

بحوث فقهية

مكتية البوربوينت

المتواجدون الان

انت الزائر رقم : 865156
يتصفح الموقع حاليا : 121

عرض المادة

" التجاوز والتسامح "

" التجاوز والتسامح "

( هذه حلقة إذاعية لفضيلة الشيخ الدكتور خالد عبد العليم متولي ألقيت ليلة عيد الفطر في برنامج عبر الأثير بإذاعة الشارقة )

 

* الأصل في علاقة المسلم بالمسلم هو الرحمة والمودة وليس الجفاء والقسوة ، والتهاجر والتشاحن والتدابر محظور شرعا إلا إذا وُجدت مبرراته ، فالأمة مجمعة على النهي عن القطيعة والتدابر لأنها نقيض المحبة في الله التي هي أصل الإيمان ومفتاح دخول الجنة ، قال النبي  : "  لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم " . 

 

* طبائع الناس في هذه الدنيا مختلفة ، وأهواؤهم متقلبة ، ومصالحهم متباينة ، ولله في ذلك حكمة وهو القائل سبحانه : " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم " .

  وصراع الحياة على حطام الأرض لا ينتهي ، وقد تحدث بين الناس خصومة ومنازعة ، ومن هنا أوجب الإسلام الإصلاح بين المتخاصمين ، حتى ترجع النفوس إلى الحق ، وتصفو القلوب من دنس الدنيا وحطامها ، وتتعلق بخزائن الله الواسعة .

  روى البخاري ومسلم عن انس  عن النبي  قال : " لا تقاطعوا ولا تدابروا ، ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث " .

  وروى أحمد والبخاري في الدب وابن حبان عن هشام بن عامر  عن النبي  قال : " لا يحل لمسلم أن يهجر مسلما فوق ثلاث ليال ، فإنهما ناكبان عن الحق ما داما على صرامهما ، وأولهما فيئا يكون سبقه بالفيئ كفارة له ، وإن سلم فلم يقبل ورد عليه سلامه ردت عليه الملائكة ، ورد على الآخر الشيطان ، فإن ماتا على صرامهما لم يدخلا الجنة جميعا أبدا " .

 

*** بل إن القطيعة تغلق باب المغفرة : روى مسلم عن أبي هريرة  عن النبي  قال : " تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين والخميس ، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجل كان بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال : أنروا هذين حتى يصطلحا " .

 

* عامة أسباب الخصام والتدابر هو الصراع على الدنيا سواء كانت هذه الدنيا : مال . تجارة . وظيفة . ميراث . سمعة وشهرة ووجاهة . منصب وجاه .

  الآية في القرآن التي ذُكر فيها الأمر بإصلاح ذات البين سبب نزولها كان هو الخصام على دنيا : روى عبادة بن الصامت  أن النبي  حينما خرج في بدر وانهزم العدو :

1- فرقة وطائفة من الصحابة خرجت خلف فلول المشركين حتى أجلتهم بعيدا .

2- وطائفة أحاطت بالنبي حتى لا  يُغتال بغتة على غرة .

3- وطائفة بدأت في جمع الغنائم .

   فلما اختصموا نزل قوله تعالى : " يسألونك عن الأنفال قل النفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين " .

 

* أبشع وأشد صورة يمكن أن تجعل هناك قطيعة بين الناس فضلا عن كون هؤلاء أرحام ذوي قربى ، رجل له بنت عفيفة شريفة حصان رزان ، خاض في عرضها أحد أقاربه الفقراء ممن ينفق عليهم وهي متزوجة ، فما هو رد الفعل المتوقع تجاه هذا القريب الذي خاض في عرض ابنته ؟ وهل يستمر في صلته والإنفاق عليه أم أقل القليل يضربه ويقاطعه ويقطعه ويمنع النفقة عنه ؟ هذا هو رد الفعل الطبيعي .

   القصة كانت في حادثة الإفك حينما خاض رجل من قرابة أبي بكر الصديق  واسمه مسطح بن اثاثة  وهو ابن خالته وكان فقيرا وينفق عليه أبو بكر . فلما نزلت براءة عائشة  كان في هذه الآيات :

 " ولا يأتل اولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم " .

 

*** كيف يخرج المسلم من الهجرة والقطيعة ؟؟

1- بإلقاء السلام .

2- بالصلة والزيارة .

3- بالإعانة بمال أو النصيحة والكلمة الطيبة .

 

* هناك حد أعلى للصلة : البشاشة والسلام والزيارة والمودة .

 وهناك حد أدنى وهو : السلام بلا بشاشة وجه وهذا الحد الأدنى يخرجه من القطيعة إلا أن يكون ذا رحم فلابد أن يصل إلى حده الأعلى لما للرحم من حقوق تزيد على حقوق الغرباء .

 

- مسألة : زيارة الأقارب التي تجلب المشاكل أو يكون لديهم مخالفات شرعية فيخرج المسلم من حد القطيعة بالزيارة في العيدين ، وعند مناسبة الفرح – كالرجوع من حج وعمرة وتزويج ولده أو ابنته - ، وعند مناسبة غير سارة كموت أحد له أو مرضه ونزول نكبة ومصيبة به .

 

* التسامح والعفو وسلامة الصدر صفة من صفات أهل الجنة :

 روى أحمد عن أنس بن مالك  قال كنا جلوسا مع رسول الله  فقال : " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " ، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال فلما كان الغد قال النبي مثل ذلك فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى فلما كان اليوم الثالث قال النبي  مثل مقالته أيضا فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى .

  فلما قام النبي  تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت ؟ قال : نعم .

  قال أنس : وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر . قال عبد الله : غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا .

  فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت : يا عبد الله إني لم يكن بين وبين أبي غضب ولا هجر ثم ، ولكن سمعت رسول الله  يقول لك ثلاث مرار : يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة ، فطلعت أنت الثلاث مرار ، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به ، فلم أرك تعمل كثير عمل ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله  ؟

  فقال : ما هو إلا ما رأيت . قال فلما وليت دعاني فقال : ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ، ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه . فقال عبد الله : هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق .

 

* عفو النبي  وتسامحه عمن ظلمه :

1- عفو النبي  عن أهل مكة . ذكر ابن كثير في البداية والنهاية ( 4 / 344) : ثم قال: " يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم ؟ " .
قالوا : خيراً أخ كريم وابن أخ كريم . قال : " اذهبوا فأنتم الطلقاء " .

2- عفو النبي  عن وحشي بن حرب قاتل حمزة وعن هند بنت عتبة . ذكر ابن كثير في البداية والنهاية ( 4 / 21): فقال وحشي - غلام جبير بن مطعم - : والله إني لأنظر لحمزة يهد الناس بسيفه، ما يليق شيئاً يمر به مثل الجمل الأورق ، إذ قد تقدمني إليه سباع فقال حمزة: هلم يا ابن مقطعة البظور، فضربه ضربة فكأنما أخطأ رأسه، وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه، فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين رجليه ، فأقبل نحوي ، فغلب فوقع وأمهلته حتى إذا مات جئت فأخذت حربتي ، ثم تنحيت إلى العسكر ، ولم يكن لي بشيء حاجة غيره .

فلما قدمت مكة عتقت، ثم أقمت حتى إذا افتتح رسول الله  مكة، هربت إلى الطائف فمكثت بها، فلما خرج وفد الطائف إلى رسول الله  ليسلموا تعَّيت علي المذاهب فقلت: ألحق بالشام أو باليمن أو ببعض البلاد، فوالله إني لفي ذلك من همي إذ قال لي رجل: ويحك إنه والله لا يقتل أحداً من الناس دخل في دينه وشهد شهادة الحق.     
  قال: فلما قال لي ذلك خرجت حتى قدمت على رسول الله
 المدينة، فلم يرعه إلا بي قائماً على رأسه أشهد شهادة الحق، فلما رآني قال لي: " أوحشي أنت ؟ " قلت: نعم يا رسول الله ، قال : " اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة " قال : فحدثته كما حدثتكما ، فلما فرغت من حديثي قال : " ويحك غيب عني وجهك فلا أرينك " .    
قال : فكنت أتنكب برسول الله
 حيث كان لئلا يراني حتى قبضه الله عز وجل .
  فلما خرج المسلمون إلى مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة خرجت معهم وأخذت حربتي التي قتلت بها حمزة، فلما التقى الناس ورأيت مسيلمة قائماً وبيده السيف وما أعرفه، فتهيأت له وتهيأ له رجل من الأنصار من الناحية الأخرى كلانا يريده، فهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت فيه. 
  وشد عليه الأنصاري بالسيف، فربك أعلم أينا قتله فإن كنت قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله
 ، وقتلت شر الناس .

3- عفو النبي  عن عكرمة وكيف هش للقائه وهو عدوه وابن عدوه ،    روى مالك في الموطأ : أنّ أمَّ حكيم بنت الحارث بن هشام كانت تحت عكرمة بن أبي جهل فأسلمت يوم الفتح ، وخرج عكرمة هارباً من الإِسلام حتى قدم اليمن، فارتحلت أمُّ حكيم حتى قدمت فَدَعَتْه إلى الإِسلام فأسلم، فقدم على النبي  ، فلما رآه النبي  وثب إليه فرحاً وما عليه رداؤه حتى بايعه . وفي رواية البيهقي : أن امرأته قالت: يا رسول الله قد ذهب عكرمة إلى اليمن وخاف أن تقتله فآمِنْه، فقال: هو آمن، فخرجتْ في طلبه، فأدركته، وركب سفينة وجاءت أم حكيم تقول: يا ابن عم، جئتك من عند أبرّ الناس وأوصل الناس وخير الناس، لا تُهلك نفسك، إني قد استأمنتُ لك رسولَ الله، فرجع معها وجعل يطلب جماعها فأبتْ، وقالت: أنا مسلمة وأنت كافر، فلما وافى مكة،

 

قال رسول الله  لأصحابه: يأتيكم عكرمة مؤمناً فلا تسبوا أباه، فإن سبَّ الميت يؤذي الحيّ.

4- وكذا فعل حينما جاء خالد بن الوليد مسلما . ذكر ابن كثير في البداية والنهاية ( 4 / 373 – 374 ) : عن خالد بن الوليد قال: لما أراد الله بي ما أراد من الخير قذف في قلبي الإسلام وحضرني رشدي، فقلت: قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد  ، فليس في موطن أشهده إلا أنصرف وأنا أرى في نفسي أني موضع في غير شيء، وأن محمداً سيظهر.     
فلما خرج رسول الله
 إلى الحديبية، خرجت في خيل من المشركين، فلقيت رسول الله  في أصحابه بعسفان ، فقمت بإزائه وتعرضت له فصلى بأصحابه الظهر أمامنا ، فهممنا أن نغير عليهم ثم لم يعزم لنا - وكانت فيه خيرة - فاطلع على ما في أنفسنا من الهم به ، فصلى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف ، فوقع ذلك منا موقعاً وقلت : الرجل ممنوع فاعتزلنا ، وعدل عن سير خيلنا ، وأخذ ذات اليمين .

  فلما صالح قريشاً بالحديبية ودافعته قريش بالرواح قلت في نفسي: أي شيء بقي ؟  أين أذهب إلى النجاشي فقد اتبع محمد وأصحابه عنده أمنون، فأخرج إلى هرقل فأخرج من ديني إلى نصرانية أو يهودية فأقيم في عجم، فأقيم في داري بمن بقي، فأنا في ذلك إذ دخل رسول الله  مكة في عمرة القضية فتغيبت ولم أشهد دخوله، وكان أخي الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية فطلبني فلم يجدني، فكتب إلي كتاباً فإذا فيه : 
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك، ومثل الإسلام جهله أحد؟ وقد سألني رسول الله
عنك وقال: أين خالد ؟  
فقلت: يأتي الله به.    
فقال: " مثله جهل الإسلام ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين على المشركين كان خيراً له، ولقدمناه على غيره " فاستدرك يا أخي ما قد فاتك فقد فاتتك مواطن صالحة.     
قال: فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام، وسرني سؤال رسول الله
 عني، وأرى في النوم كأني في بلاد ضيقة مجدبة، فخرجت في بلاد خضراء واسعة، فقلت: إن هذه لرؤيا . فلما أن قدمت المدينة قلت لأذكرن لأبي بكر.  
فقال: مخرجك الذي هداك الله للإسلام، والضيق الذي كنت فيه من الشرك.
قال: فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله
 قلت من أصاحب إلى رسول الله  ؟ فلقيت صفوان بن أمية فقلت: يا أبا وهب أما ترى ما نحن فيه، إنما نحن كأضراس وقد ظهر محمد على العرب والعجم، فلو قدمنا على محمد واتبعناه فإن شرف محمد لنا شرف، فأبى أشد الإباء فقال: لو لم يبق غيري ما اتبعته أبداً، فافترقنا وقلت: هذا رجل قتل أخوه وأبوه ببدر.   
فلقيت عكرمة بن أبي جهل فقلت له مثل ما قلت لصفوان بن أمية. 
فقال لي مثل ما قال صفوان بن أمية.      قلت: فاكتم علي.  قال: لا أذكره.    
  فخرجت إلى منزلي فأمرت براحلتي، فخرجت بها إلى أن لقيت عثمان بن طلحة فقلت: إن هذا لي صديق فلو ذكرت له ما أرجو، ثم ذكرت من قتل من آبائه فكرهت أن أذكره، ثم قلت: وما علي وأنا راحل من ساعتي، فذكرت له ما صار الأمر إليه.   
فقلت: إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر لو صب فيه ذنوب من ماء لخرج، وقلت له نحواً مما قلت لصاحبي، فأسرع الإجابة وقال: لقد غدوت اليوم وأنا أريد أن أغدو، وهذه راحلتي بفج مناخة.
قال: فاتعدت أنا وهو يأجج إن سبقني أقام، وإن سبقته أقمت عليه.
قال: فأدلجنا سحراً فلم يطلع الفجر حتى التقينا بيأجج، فغدونا حتى انتهينا إلى الهدة فنجد عمرو بن العاص بها.  
قال: مرحباً بالقوم.     
فقلنا: وبك.
فقال: إلى أين مسيركم ؟
فقلنا: وما أخرجك ؟    
فقال: وما أخرجكم ؟    
قلنا: الدخول في الإسلام واتباع محمد
 .
قال: وذاك الذي أقدمني، فاصطحبنا جميعاً حتى دخلنا المدينة فأنخنا بظهر الحرة ركابنا، فأخبر بنا رسول الله
 فسر بنا، فلبست من صالح ثيابي، ثم عمدت إلى رسول الله  فلقيني أخي فقال: أسرع فإن رسول الله  قد أخبر بك فسر بقدومك وهو ينتظركم، فأسرعنا المشي فاطلعت عليه فما زال يتبسم إلي حتى وقفت عليه، فسلمت عليه بالنبوة فرد علي السلام بوجه طلق . فقلت: إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.     
فقال: " تعال" . ثم قال رسول الله
 : " الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً رجوت أن لا يسلمك إلا إلى خير" .  
قلت: يا رسول الله إني قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك معانداً للحق فادعو الله أن يغفرها لي. فقال رسول الله
: "الإسلام يجب ما كان قبله" .  قلت: يا رسول الله على ذلك ؟
قال: " اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيل الله". قال خالد: وتقدم عثمان وعمرو فبايعا رسول الله
 . قال : وكان قدومنا في صفر سنة ثمان. قال: والله ما كان رسول الله  يعدل بي أحداً من أصحابه فيما حزبه . أ.هـ.

* لو كان هناك كوب وضعنا فيه نقطة حبر لظهر أثر هذه القطرة فيه ، ولو وضعنا قطرة الحبر في حوض ماء لتلاشت وما ظهر لها أثر ، فما بالنا لو وضعنا هذه القطرة في بحر واسع ؟؟ كذلك صدر المؤمن واسع كالبحر لا يعكره شئ ، وكلما تسع صدره بالإيمان وسع الدنيا كلها ، وضيق الصدر يغضب معه الإنسان في كل موقف وحدث .

 

* علاج الغضب :

النفس البشرية تثور عند الغضب ، والقرآن أعطانا ثلاثة مراتب ليفتح لنا ميدان التنافس في بلوغ أعلى الدرجات :

1- كظم الغيظ .

2- العفو عن المسيئ .

3- الإحسان إلى من أساء إلينا .

* ( قصة ميمون بن مهران مع جاريته ) . روي عن ميمون بن مهران أن جاريته جاءت ذات يوم بصحفة فيها مرقة حارة، وعنده أضياف فعثرت فصبت المرقة عليه ، فأراد ميمون أن يضربها ، فقالت الجارية : يا مولاي ، "والكاظمين الغيظ" قال لها : قد فعلت . فقالت : "والعافين عن الناس". فقال : قد عفوت عنك. فقالت الجارية : "والله يحب المحسنين " . قال ميمون : قد أحسنت إليك ، فأنت حرة لوجه الله تعالى .

 

* إصلاح النفوس البشرية فيه مشقة وعناء ، فليس تسلية ولا أمرا هينا ، لأن التعامل مع الحجارة والحديد قد يكون أيسر من التعامل مع بعض النفوس البشرية التي قد لا تلين كما يلين الحديد ، ولا تخشع كما تتفجر بعض الأحجار بالأنهار .

  قد يضطر الإنسان للكلمة الطيبة يصلح بها بين اثنين ، فنفى الإسلام عنه تهمة الكذب . روى البخاري ومسلم عن أم كلثوم بنت عقبة  عن النبي  قال :" ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا " .

 والإسلام ما حصر ثواب الطاعات في العبادات من صلاة وصيام وتلاوة للقرآن ، بل جعل هناك درجة أفضل وأعلى من نوافل الطاعات ، ما هو هذا العمل ؟ روى أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي الدرداء  عن النبي  قال : " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟ قالوا : بلى ، قال : إصلاح ذات البين " .

  للصلح آداب ولاسيما إذا كان بين الزوجين ومنها أن يكون المصلح :

1- مخلصا لوجه الله : فلا سمعة ولا رياء ولا سعيا في الإصلاح ابتغاء منفعة أو مصلحة .

2- حكيما : متأنيا في التعامل مع الخصوم .

3- أمينا : على الأعراض والحرمات وأسرار البيوت ، فلا يفشي لهم سرا ، ولا يشيع ما اطلع عليه من أسباب الخصومة فالمجالس بالأمانة .

4- عادلا : في إجراء الصلح " فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا " .

- كم من بيت كاد أن ينهدم بسبب خلاف تافه بين الزوج والزوجة ، وإذا بهذا المصلح الصالح بكلمة طيبة ونصيحة حانية يمسك بيتا مسلما متماسكا خشية الانهيار ؟

- كم من قطيعة كادت أن تكون بين صديقين أو قريبين بسبب زلة أو هفوة .

- كم عصم الله بالمصحين من دماء وأموال ، وكم أطفأ بهم نار فتن ومكائد شيطان كادت أن تشتعل لولا فضل الله ثم المصلحين .

 

* مبررات الهجر الشرعية :

إذا كانت الهجرة والتدابر خلاف الأصل فما هي مبرراتها الشرعية ؟؟

1- يشرع هجران أهل المعاصي تأديبا لهم وتحقيرا لشأنهم إذا كان هذا مجديا نافعا لهم ، والهجران هو هجران السوء والمخالفة وعدم المشاركة لهم في إثمهم وليس هجران النصيحة والدعوة .

2- التأديب على ترك واجب من الواجبات كما أمر النبي بمقاطعة الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك .

3- الإصلاح والتربية كما هجر النبي أزواجه شهرا . وهجر الزوجة الناشز في المضجع نص عليه القرآن حال النشوز .

4- الغيرة لدين الله كما هجر ابن عمر ولدا له على ترك سنة ، ومعارضته لحديث : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله " .

 

* واقعة تدل على اهتمام النبي بالإصلاح بين الخصوم وبالذات عند الخصومة على المال :

  روي البخاري ومسلم عن عائشة  قالت : سمع رسول الله  صوت خصوم بالباب ، عالية أصواتهما ، وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه في شيء ، وهو يقول : والله لا أفعل ، فخرج عليهما رسول الله  فقال : " أين المتألي على الله لا يفعل المعروف ؟ " . فقال : أنا يا رسول الله ، وله أي ذلك أحب " .

  وروى البخاري أن كعب بن مالك  تقاضى ابن أبي حدرد  دَيْنا له عليه ، في عهد رسول الله  في المسجد ، فارتفعت أصواتهما ، حتى سمعها رسول الله  وهو في بيته ، فخرج إليهما رسول الله  حتى كشف سجف حجرته ، ونادى : " يا كعب بن مالك ، يا كعب " . قال : لبيك يا رسول الله ، فأشار بيده أن : " ضع الشطر من دَيْنك " . قال كعب : قد فعلت يا رسول الله ، قال رسول الله  : " قم فاقضه " . 

* وهذا درس للأصهار نتعلمه من النبي في بيت ابنته فاطمة مع علي : قم أبا تراب .

 

* خلية الغضب ينفخ فيها الشيطان لتملأ على الإنسان تفكيره وحياته وقواه ، فينحصر عقله وفكره في الكيد والإيذاء والانتقام ، بينما لو ترك المسيئ لعقاب الله فهو أنكى وأشد .

 

* الإصلاح جاء في القرآن :

1- بين الناس : " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " .

2- بين الزوجين : " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما " .

3- بين طائفتين : " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما .."

 

* من ثمرات الإصلاح والتسامح :

1- أن تحل الألفة في القلوب محل الكراهية والفرقة .

2- استئصال داء النزاع قبل أن يستفحل .

3- حقن الدماء التي تراق بين الطوائف المتنازعة .

4- توفير الأموال الباهظة التي تنفق بالحق أو بالباطل على الدعاوى والخصومات وشهادة الزور .

5- تجنب المشاجرات والسباب والاعتداء على الخصوم التي قلما ينجو منها متخاصمان .

6- تفرغ القلوب والنفوس للمصالح الدنيوية والأخروية بدل الانهماك في الكيد للخصوم .

7- أجر التصالح للمصلحين والمتصالحين وهو رحمة الله بعباده .

8- المغفرة والعفو . ومن منا لا يحتاج إليهما ؟

 

قال الشافعي رحمه الله :

 

إذا شئت أن تحيا سليما من الأذى   *    وحظك موفور وعرضك صين

لسانك  لا تذكر به  عورة  امرئ     *    فكلك  عورات  و للناس ألسن

وعيناك   إن  أبدت  إليك  معايبا    *    فدعها وقل يا عين للناس أعين

وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى   *    وفارق  ولكن بالتي هي أحسن

  • الجمعة AM 12:12
    2011-02-11
  • 16431
Powered by: GateGold